فصل: قال المراغي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتتضمن مقالة النفر من الجن الإشارة إلى كتاب الكون المفتوح الناطق بقدرة الله على البدء والإعادة: {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير}..
وهنا يلمس قلوبهم بمشهد الذين كفروا يوم يعرضون على النار. فيقرون بما كانوا ينكرون. ولكن حيث لا مجال لإقرأر أو يقين!
وتختم السورة بتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصبر وعدم الاستعجال لهم بالعذاب. فإنما هو أجل قصير يمهلونه. ثم يأتيهم العذاب والهلاك: {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}..
والأن نأخذ في تفصيل هذه الأشواط. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة الأحقاف مكية واياتها خمس وثلاثون آية.

.بين يدي السورة:

هذه السورة مكية وأهدافها نفس أهداف السور المكية. العقيدة في أصو لها الكبرى (الوحدانية. الرسالة. البعث والجزاء) ومحور السورة الكريمة يدور حول (الرسالة والرسول) لإثبات صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وصدق القرآن.
تحدثت السورة في البدء عن القرآن العظيم. المنزل من عند الله بالحق. ثم تناولت الأوثان التي عبدها المشركون. وزعموا أنها الهة مع الله تشفع لهم عنده. فبينت ضلالهم وخطأهم في عبادة ما لا يسمع ولا ينفع. لم تحدثت عن شبهة المشركين حول القرآن. فردت على ذلك بالحجة الدامغة. والبرهان الناصع.
ثم تناولت نموذجين من نماذج البشرية في هدايتها وضلالها. فذكرت نموذج (الولد الصالح) المستقيم في فطرته. البار بوالديه. الذي كلما زادت سنه وتقدم في العمر. ازداد تقى وصلاحا وإحسانا لوالديه.. ونموذج (الولد الشقي) المنحرف عن الفطرة. العاق لوالديه. الذي يهزأ ويسخر من الآيمان والبعث والنشور ومال كل منهما.
ثم تحدثت السورة عن قصة (هود) عليه السلام مع قومه الطاغين (عاد) الذين طغوا في البلاد. واغتروا بما كانوا عليه من القوة والجبروت. وما كان من نتيجتهم حيث أهكلهم الله بالريح العقيم. تحذيرا لكفار قريش في طغيانهم واستكبارهم على أوامر الله وتكذيبهم للرسول صلى الله عليه وسلم.
وختمت السورة الكريمة بقصة النفر من الجن الذين استمعوا إلى القرآن وآمنوا به ثم رجعوا منذرين إلى قومهم يدعونهم إلى الآيمان. تذكيرا للمعاندين من الإنس بسبق الجن لهم إلى الإسلام.

.التسمية:

سميت (سورة الأحقاف) لأنها مساكن عاد الذين أهلكهم الله بطغيانهم وجبروتهم. وكانت مساكنهم بالأحقاف من أرض اليمن {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف} الآية. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة الأحقاف مكية وقد ذكر نظيرتها في البصري والشامي ولا نظير لها في غيرهما.
وكلمها ست مئة وأربع وأربعون كلمة.
وحروفها ألفان وست مئة حرف.
وهي ثلاثون وخمس آيات في الكوفي وأربع في عدد الباقين.
اختلافها آية {حم} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع موضعان {عذاب أليم} يوم يرون ما يوعدون.

.ورءوس الآي:

1- {الحكيم}.
2- {معرضون}.
3- {صادقين}.
4- {غافلون}.
5- {كافرين}.
6- {مبين}.
7- {الرحيم}.
8- {مبين}.
9- {الظالمين}.
10- {قديم}.
11- {للمحسنين}.
12- {يحزنون}.
13- {يعملون}.
14- {المسلمين}.
15- {يوعدون}.
16- {الأولين}.
17- {خاسرين}.
18- {لا يظلمون}.
19- {تفسقون}.
20- {عظيم}.
21- {الصادقين}.
22- {تجهلون}.
23- {أليم}.
24- {المجرمين}.
25- {يستهزئون}.
26- {يرجعون}.
27- {يفترون}.
28- {منذرين}.
29- {مستقيم}.
30- {أليم}.
31- {مبين}.
32- {قدير}.
33- {تكفرون}.
34- {الفاسقون}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الأحقاف:
{أجل مسمى}: هو يوم القيامة. {أنذروا}: أي خوّفوا. {معرضون}: أي مولون لاهون. {تدعون}: أي تعبدون. {شرك}: أي نصيب. {أثارة}: أي بقية. ومثلها الأثرة (بالتحريك) يقال (سمنت الإبل على أثارة) أي بقية شحم كان قبل ذلك. {حشر}: أي جمع. {كافرين}: أي مكذبين.
المراد بالحق آيات القرآن. {افتراه}: كذب عليه عمدا. {فلا تملكون لي من اللّه شيئا}: أي لا تغنون عنى من اللّه شيئا إن أراد عقابي. {تفيضون فيه}: أي تخوضون فيه من تكذيب القرآن. يقال أفاض القوم في الحديث: أي اندفعوا فيه. والبدع والبديع من كل شيء: المبتدع المحدث دون سابقة له.
الآيصاء والوصية: بيان الطريق القويم لغيرك ليسلكه. والإحسان: خلاف الإساءة. والحسن: خلاف القبح. والمراد أنه يفعل معهما فعلا ذا حسن. والكره (بالضم والفتح) كالضعف والضعف: المشقة. {وحمله}: أي مدة حمله. {وفصاله}: فطامه والمراد به الرضاع التام المنتهى بالفطام. والأشد: استحكام القوة والعقل. {أوزعني}: أي رغبني ووفقني. من أوزعته بكذا: أي جعلته مولعا به راغبا في تحصيله. والقبول: هو الرضا بالعمل والإثابة عليه. {في أصحاب الجنة}: أي منتظمين في سلكهم كما تقول أكرمنى الأمير في أصحابه.
{أفّ}: صوت يصدر من الإنسان حين تضجره. {أخرج}: أي أبعث من القبر للحساب. {خلت القرون من قبلى}: أي مضت ولم يخرج منها أحد. {يستغيثان اللّه}: أي يقولان الغياث باللّه منك. يقال استغاث اللّه واستغاث باللّه. والمراد أنهما يستغيثان باللّه من كفره. إنكارا واستعظاما له. حتى لجأ إلى اللّه في دفعه كما يقال العياذ باللّه من كذا. {ويلك}: دعاء عليه بالثبور والهلاك. ويراد به الحث على الفعل أو تركه إشعارا بأن مرتكبه حقيق بأن يهلك. فإذا سمع ذلك ارعوى عن غيّه وترك ما هو فيه وأخذ بما ينجيه. {أساطير الأولين}: أي أباطيلهم التي سطروها في الكتب من غير أن يكون لها حقيقة. حق عليهم القول: أي وجب عليهم قوله لإبليس: {لَأَمْلأن جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}.
{من الخاسرين}: أي الذين ضيعوا نظرهم الشبيه برءوس الأموال باتباعهم همزات الشيئاطين. والدرجات: المنازل واحدها درجة. وهى المنزلة. ويقال لها منزلة إذا اعتبرت صعودا. ودركة إذا اعتبرت حدورا. ومن ثم يقال درجات الجنة. ودركات النار. فالتعبير بالدرجات هنا على سبيل التغليب. {طيباتكم}: أي شبابكم وقوتكم يقولون ذهب أطيباه أي شبابه وقوته. {الهون}: أي الهوان والذل. {تفسقون}: أي تخرجون من طاعة اللّه.
{أخا عاد}: هو هود عليه السلام. و{الأحقاف}: واحدها حقف (بالكسر والسكون) وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء. سمى به واد بين عمّان ومهرة كانت تسكنه عاد. وكانوا أهل عمل. سيارة في الربيع. فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم. وهم من قبيلة إرم. و{النذر}: واحدهم نذير أي منذر. {من بين يديه}: أي من قبله. {ومن خلفه}: أي من بعده. {لتأفكنا}: أي لتصرفنا. {عن الهتنا}: أي عن عبادتها. {بما تعدنا}: أي من معاجلة العذاب على الشرك: {إنما العلم عند اللّه} أي العلم بوقت نزوله عند اللّه. والعارض: السحاب الذي يعرض في أفق السماء قال الأعشى:
يا من رأى عارضا قد بتّ أرمقه ** كأنما البرق في حافاته الشّعل

{مستقبل أوديتهم}: أي متجها إليها. {تدمّر}: أي تهلك. {حاق}: أي نزل. {صرفنا}: أي بيّنا ونوّعنا. {الآيات}: الحجج والعبر. {فلولا}: أي فهلا. {نصرهم}: أي منعهم. {قربانا}: أي متقربا بها إلى اللّه. {ضلوا عنهم}: أي غابوا عنهم. {إفكهم}: أي أثر إفكهم وصرفهم عن الحق. {وما كانوا يفترون} أي وأثر افترائهم وكذبهم.
{صرفنا}: أي وجهنا. والنفر: ما بين الثلاثة والعشرة من الرجال. سموا بذلك: لأنهم ينفرون إذا حزبهم أمر لكفايته. {أنصتوا}: أي اسكتوا. {قضى}: أي فرغ من تلاوته. {ولوا}: أي رجعوا. {منذرين}: أي مخوّفين لهم عواقب الضلال. روى أن هؤلاء الجن كانوا من جنّ نصيبين من دياربكر قريبة من الشام. أو من نينوى بالموصل. وكان الاجتماع بوادي نخلة على نحوليلة من مكة. وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينذر الجن ويدعوهم إلى اللّه تعالى ويقرأ عليهم القرآن. فصرف اللّه إليه نفرا منهم فاستمعوا منه. حتى إذا انقضى من تلاوته رجعوا إلى قومهم منذريهم عقاب اللّه إذا هم استمروا على الضلال. أجاره من كذا: أنقذه منه. و{داعى اللّه}: هو الرسول صلى الله عليه وسلم. {فليس بمعجز في الأرض}: أي لا ينجومنه هارب. ولا يسبق قضاءه سابق.
{لم يعي}: أي لم يعجز. قال الكسائي: يقال أعييت من التعب. وعييت من انقطاع الحيلة والعجز. قال عبيد بن الأبرص:
عيّوا بأمرهم كما ** عيّت ببيضتها الحمامه

{أولو العزم}: أي ذو والحزم والصبر. قال مجاهد: هم خمسة نظمهم الشاعر في قوله:
أولو العزم نوح والخليل الممجّد ** وموسى وعيسى والحبيب محمد

{بلاغ}: أي كفاية في الموعظة. اهـ.. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

سورة الأحقاف:
وهي مكية.
1- من ذلك قوله جل وعز: {ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق} (آية 3) أي إلاقامة الحق ثم قال: {والذين كفروا عما أنذروا معرضون} (آية 3) أي أعرضوا بعدما تبين لهم الحق من خلق الله عز وجل.
2- ثم احتج عليهم فيما يعبدون فقال: {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله} (آية 4) المعنى ما تدعونه إلها من دون الله {أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات}؟ أي في خلق السموات {ايتوني بكتاب من قبل هذا} أي بكتاب فيه برهان على ما قلتم {أو أثارة من علم} قال مجاهد أحد يأثر علما وقال الحسن شيء يثار أو يستخرج وقال أبو عبيدة {أثارة} بقية قال أبو جعفر وهذه القوال متقاربة لأن البقية هو شيء يؤثر ومعروف في اللغة أن يقال سمنت الناقة على أثارة أي على بقية من سمن ويقرأ {أو أثرة} روى أبو سلمة عن ابن عباس (أو أثرة من علم) قال الخط حدثنا محمد بن أحمد- يعرف بالجريجي- حدثنا بندار أنبأنا يحيي بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أم سلمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {أو أثرة من علم} قال الخط.
وروى سعيد عن قتادة {أو أثرة من علم} قال خاصة من علم قال أبو جعفر يقال لفلأن عندي أثرة أو أثرة أي شيء أخصه به ومنه اثرت فلانا على فلان ويجوز أن يكون {أثرة} خبرا عن بعض الأنبياء صلى الله عليهم من أثرت الحديث وذا قول أبي عبيدة.
3- وقوله جل وعز: {هوأعلم بما تفيضون فيه} (آية 8) قال مجاهد أي تقولونه.
4- وقوله جل وعز: {قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} (آية 9) قال مجاهد في قوله تعالى: {قل ما كنت بدعا من الرسل} أي أول من أرسل.
وقوله تعالى: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} وقد قال في موضع آخر {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فالجواب في هذا أنه ليس من ذاك وإنما المعنى- والله أعلم- وما أدري ما يفعل بي ولا بكم من جدب أو غيره.
ويبين هذا أنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا سرت أصحابه فاستبطأوا تأويلها فانزل الله جل وعز: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم}.
5- وقوله جل وعز: {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم} (آية 10) قيل في الكلام حذف لعلم السامع به والمعنى أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل ممن تثقون به وتقفون على صدقه وعلمه على ما شهد النبي صلى الله عليه وسلم وكفرتم به أليس قد غررتم وأتيتم أمرا قبيحا واجترأتم عليه؟! فأما الشاهد من بني إسرائيل فقيل إنه عبد الله بن سلام روى مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزلت {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم} وقال الحسن ومجاهد والضحاك {وشهد شاهد من بني إسرائيل} عبد الله بن سلام قال أبو جعفر وفي الآية قولان اخران: